الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
147449 مشاهدة
ما يجب على المكلف تعلمه

ويجب على المكلف أن يتعلم منه كل ما يحتاج إليه في عباداته ومعاملاته وغيرها. قال النبي -صلى الله عليه وسلم- من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين متفق عليه .


قوله: (ويجب على المكلف أن يتعلم من الفقه كل ما يحتاج إليه إلخ):
المكلف: هو البالغ العاقل من نوع الإنسان، وتكليفه إلزامه بالأوامر الشرعية ليفعل، والمحرمات ليتركها. والفقه: هو معرفة الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها التفصيلية كما ذكر المؤلف، وهو في اللغة الفهم والإدراك كما قال تعالى عن موسى وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي [طه: 27،28] وتعلمه هو تفهمه وتعقله ومعرفة الأحكام وأدلتها ومصالحها.
وحيث إن المكلف مأمور ومنهي، وأنه يترتب على امتثاله الثواب وعلى تركه العقاب، لا جرم وجب عليه أن يتعلم جميع الواجبات الدينية في الأصول
والفروع حتى يفعلها قربة وطاعة لله تعالى ورجاء ثوابه العاجل والآجل، وأن يتعلم ما حرم الله عليه حتى يتركه تقربا إلى الله وخوفا من عقابه، وسواء كانت الأمور التي يحتاجها تتعلق بالعبادات أو بالمعاملات، فإن العبادات هي حق الله تعالى على العباد الذي فرضه وألزمهم به أو أحبه ورغب في الثواب عليه فيعم ذلك الفرائض والنوافل من الصلاة والصدقة والصوم والحج والعمرة والجهاد والذكر والدعاء والبر والصلة ونحو ذلك، ويدخل في المعاملات ما حرمه الله من المكاسب والمآكل والمشارب والصناعات والحرف والتجارات وما أباحه من الأموال وما خرج من ذلك.
والدليل على ذلك هذا الحديث الصحيح، ففيه أن من تفقه في الدين فقد أراد الله به خيرا؛ حيث وفقه للفقه والفهم والعلم الصحيح في علم الديانة، ويدل ذلك على أن الفقه في الدين من أشرف العلوم ؛ وذلك لأنه يعمل على بصيرة ويحمل العلم الشريف ويبصر الأمة ويدلهم على ما يحتاجون إليه في أمور دينهم ودنياهم.